توقعات متشائمة لمستقبل الاقتصاد الأمريكي رغم تعليق “رسوم ترامب”

تشهد الأسواق العالمية حاليًا حالة من التناقض بين التشاؤم المستمر بين خبراء الاقتصاد والمؤشرات القادمة من سوق الأسهم، والتي شهدت ارتفاعا منذ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تعليق لمدة 90 يوما للرسوم الجمركية “المتبادلة” التي تم الإعلان عنها سابقا.
وحافظ اقتصاديون في بورصة “وول ستريت” على توقعاتهم بحدوث تباطؤ حاد في نمو الاقتصاد الأمريكي، وحذروا من أن مخاطر الركود لا تزال مرتفعة، رغم قرار إدارة ترامب هذا الأسبوع بتأجيل تطبيق التعريفات الجمركية الرئيسية على مجموعة واسعة من الشركاء التجاريين، بحسب ما نقلته وكالة “بلومبرج” الأمريكية.
وأصدرت مؤسسات مالية كبرى مثل مورجان ستانلي، “بي إن بي باريبا”، “آر بي سي كابيتال ماركتس”، وباركليز، توقعات محدثة يومي الخميس والجمعة تشير إلى نمو في الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة الأمريكية يتراوح بين 0.1% و0.6% في عام 2025، وبين 0.5% و1.5% في 2026، كما توقعوا أن يرتفع معدل البطالة ليصل إلى نحو 5% العام المقبل، بالإضافة إلى زيادة متوقعة في معدلات التضخم خلال الفصول القادمة.
ويأتي هذا بعد إعلان ترامب عن تعليق الرسوم الجمركية على دول غير الصين لمدة 90 يوما، في حين رفع الرسوم على الواردات الصينية إلى 145%، وبعد هذا التغيير، ظلت الرسوم الجمركية الأمريكية في المتوسط عند نفس المستوى تقريبا، وهو الأعلى منذ أكثر من قرن، وبزيادة تقارب 24% مقارنة بما كانت عليه عند تولي ترامب منصبه، وفقا لتقديرات “بلومبرج”.
وقال دوجلاس بورتر، كبير الاقتصاديين في مجموعة “بي إم أو” المالية: “هل من الممكن أن تستمر هذه الرسوم الجمركية وحالة عدم اليقين لفترة طويلة؟ إذا كانت الإجابة نعم، فسنقوم بتوقع ركود اقتصادي أمريكي”، مضيفا: “في الوقت الحالي، نحن ما زلنا نرجح سلسلة من الفصول بنمو يقل عن 1% في الناتج المحلي”.
وبالنسبة للاقتصاديين، فإن الرسوم الأعلى على السلع الصينية تعادل تقريبا إلغاء الرسوم المخططة على دول أخرى من حيث تأثيرها على متوسط الرسوم الجمركية المطبقة على الواردات الأمريكية، نظرا للأهمية الكبيرة للصين كأحد أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة.
وقدّرت “بلومبرج” أن متوسط الرسوم الجمركية الفعلية على الواردات الأمريكية تراجع بشكل طفيف فقط إلى 26.25% نتيجة إعلان ترامب عن تعليق الرسوم الجمركية، بعد أن كان عند 26.85%.
وقال اقتصاديون في باركليز إنه “رغم أن ارتفاع الرسوم على الصين سيدفع نحو تحويل الواردات إلى شركاء تجاريين ذوي رسوم أقل، إلا أننا نرى أن الوضع الحالي لا يزال يشير إلى ضغوط ركودية تضخمية كبيرة داخل الولايات المتحدة”، مضيفين: “بشكل عام، لاتزال توقعاتنا ثابتة بشأن النشاط الاقتصادي، بما في ذلك التوقع بأن الولايات المتحدة ستدخل في ركود”.
ونوهت “بلومبرج” عن أن تراجع ترامب عن الرسوم هذا الأسبوع قد لا يخفف فعليا من الأثر الاقتصادي على الولايات المتحدة، ولا يزيد الضغط على الصين،
وسيكون التأثير الإيجابي محدودا على اقتصاد أوروبا، فيما ستشعر به بشكل أكبر الاقتصادات الصغيرة المفتوحة في آسيا، إذا استمر التجميد لأكثر من 90 يوما.
وأضافت أن حتى من لا يتوقعون ركودا خلال الاثني عشر شهرا المقبلة في الولايات المتحدة الأمريكية، يرون أن الخطر لا يزال مرتفعا، حيث مازال الاقتصاديون في “جولدمان ساكس” يقدرون احتمالية حدوث ركود بنسبة 45%، مقارنة بـ65% قبل إعلان ترامب عن تعليق الرسوم الجمركية.
ومن المتوقع أن يرتفع معدل البطالة بالولايات المتحدة إلى ما بين 4.5% و5% خلال العام المقبل، مقارنة بـ4.2% في مارس الماضي، كما يُتوقع أن يرتفع التضخم إلى ما بين 3.5% و4%، مقارنة بمعدل 2.5% في فبراير الماضي، وفقا لتوقعات خبراء الاقتصاد، ما يتماشى مع أحدث التقديرات الإجماعية بين خبراء الاقتصاد في “وول ستريت”.
وشهدت الأسواق المالية تقلبات كبيرة منذ إعلان ترامب عن تعليق الرسوم الجمركية، الأربعاء الماضي، حيث أنهى مؤشر “إس أند بي 500” الأسبوع مرتفعا بنسبة 7.6% عن أدنى مستوى سجله يوم الثلاثاء، رغم أنه لا يزال أقل بنسبة 12.7% عن أعلى مستوى له تم تسجيله في فبراير.
نقلا عن البورصة